والثاني: أنه إذا جعل البعض الباقي مشترى بالشاتين أو عشرين درهمًا، وما كان شراء فمعلوم أنه لا يصح بينهما إلا بالتراضي، وأن لهما أن يعقدا إن شاءا، وإن شاءا لم يعقدا: دل على أن لهما أن يقتصرا على أخذ بعض الحقة عن بنت اللبون بالقيمة من غير أن يرد عليه شيئًا.
والدليل على أن الشاتين أفضل قيمة مما بين بنت اللبون والحقة: أنه لو كانت عنده حقة عجفاء لا تساوي بنت اللبون: لم يجز للمصدق أخذه لما دون شاتين، فدل أن ذلك مأخوذ على جهة القيمة.
فإن قيل: لما قال: فإن لم يوجد كذا وكذا دل على أن الثاني عند عدم الأول، كقوله تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا}، وقوله:{فمن لم يجد فصيام شهرين}، ونحوها من الفروض المنقولة إلى الأبدال عند عدم الأصول.
قيل له: لما كان عموم الآيات والسنن التي قدمنا في أصل المسألة يقتضي جواز الكل، استعملناه مع ما ورد من التوقيف، وجعلنا قوله: فإن لم يوجد كذا وكذا: على وجه التيسير على رب المال، وتسهيل الأمر عليه، كما قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن:"خذ من كل حالم دينارًا، أو عدله مغافر".