دليل آخر: وهو ما في حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقات: "ومن بلغت عنده صدقة بنت ليون، وليست عنده إلا حقة: فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت صدقة حقة، وليست عنده إلا بنت لبون: فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهمًا".
وهذا يدل من وجوه على جواز أخذ البدل في الصدقات:
أحدها: إجازته لأخذ بنت مخاض عن بنت لبون، وأخذ الشاتين عن البعض الآخر.
والثاني: أنه خير بين شاتين، وبين عشرين درهمًا، فدل أن الحكم ليس بمقصور على المذكور دون القيمة؛ لأن ذكر الدراهم للتقويم في إقامتها مقام الشاتين.
والثالث: قوله "إن استيسرتا": فدل أنه ذكر الغنم والدراهم؛ لأنه كان أيسر عندهم من غيرها.
والرابع: أنه أجاز أخذ الحقة عن ابنة اللبون، وأمر المصدق برد شاتين أو عشرين درهمًا، ومعلوم أن بعض الحقة مشترى بالشاتين أو بالعشرين درهمًا؛ لنه جعلهما بدلًا عن ذلك، والبعض الباقي أقامه مقام بنت اللبون، فدل ذلك على جواز أخذ البدل من وجهين:
أحدهما: أنه ليس في سائر فروض الصدقات بعض الحقة، فلا يصح أخذه عن بنت اللبون إلا على جهة البدل.