للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (من تشرف لها تستشرفه): (من تطلع لها بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يغرض عنها تستشرفه أي تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك، يقال: استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه، يريد من انتصب لها انتصبت له ومن اعرض عنها أعرضت عنه، وحاصله بأن من طلع فيها بشخصه قابلته بشرها، ويحتمل أن يكون المراد من خاطر فيها بنفسه أهلكته، ونحو قول القائل من غلبها غلبته.

قوله: (فمن وجد فيها ملجأً أو معاذًا فليعذ به): (أي يلتجئ أليه من شرها، أي ليعتزل فيه ليسلم من شر الفتنة وفيه التحذير من الفتن عمومًا والحث على اجتنابها وأن الشر يلق بصاحبها حسب تعلقه بها، وتطلعه إليها وإلا فالأولى به أن يعتزلها كى لا يقع فيها واللَّه أعلم) (١).

١٣ - عن الزبير بن عدي قال: (أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذى بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى اللَّه عليه وسلم) (٢).

وفي رواية عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عند الاسماعيلى: (شكونا إلى أنس ما نلقى من الحجاج) (٣)

قال بن بطال: (هذا الخبر من أعلام النبوة لإخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- بفساد الأحوال، وذلم من الغيب الذي لا يعلم بالرأى وإنما يعلم بالوحى) (٤).

قال ابن حجر: (وقد استشكل هذا الإطلاق مع أن بعض الأزمنة تكون


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ١٣.
(٢) رواه البخاري برقم ٧٠٦٨.
(٣) فتح الباري لابن حجر ج ١٣ كتاب الفتن.
(٤) المصدر السابق.

<<  <   >  >>