للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلنا يا رسول اللَّه: وما لبثه في الأرض؟

قال: أربعون يومًا، يوم كسنة، يوم كشهر. ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم (١).


(١) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء: هذه الحديث على ظاهره وهذه الأيام طويلة.
(على هذا القدر المذكور في الحديث، يدل على ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وسائر أيامه كأيامكم) وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سألوه: (فذلك اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم؟
قال: أقدروا له قدرة).
قال العلامة ابن مالك: (هذا القول في تفسير امتداد الأيام الثلاثة جار على حقيقته، ولا امتناع فيه، لأن اللَّه قادر على أن يزيد كل جزء من أجزاء اليوم الأول حتى يصير مقادر سنة خرقًا للعادة، كما يزيد في أجزاء ساعة من ساعات اليوم).
وقال العلامة على القارى في (المرقاة شرح المشكاة) بعد نقاة كلام ابن ملك المذكور:
هذا القول الذي قرره لا يفيد إلا بسط الزمان كما وقع له -صلى اللَّه عليه وسلم- قصة الإسراء مع زيادة، لكن لا يخفى سبب وجوب كل صلاة إنما هو وقتها المقدور من طلوع صبح، وزوال شمس غروبها، وغيوبة شفقها، وهذا لا يتصور إلا بتحقيق تعدد الأيام والليالى على وجه الحقيقة وهو مفقود، فنقول وباللَّه التوفيق ومنه المعونة في التحقيق -وقد تبين لنا بأخبار الصادق المصدوق صلوات اللَّه تعالى وسلامه عليه: أن الدجال بعث منه مع الشبهات ويفيض على يديه من التمويهات ما يسلب عن ذي العقول عقولهم، ويخطف من ذوى الأبصار أبصارهم فمن ذلك تسخير الشياطين له، ومجيئه بجنة ونار، وأحياء الميت على ما يدعه، وتفويته على من يريد إضلاله تارة وبالمطر والعشب، وتارة بالأزمة والجدب، ثم لإخفاء أنه أسحر الناس، فلم يستقم لنا تأويل هذا القول إلا أن نقول: انه يأخذ باسماع الناس وأبصارهم، حتى يخيل أن الزمان قد استمر على حالة واحدة، أسفار بلا ظلام وصباح بلا مساء، يحسبون أن الليل لا يمد عليهم رواقة، وأن الشمس لا تطوى عنهم ضياءها، فيبقون في حيرة والتباس من امتداد الزمان، ويدخل عليهم دواخل بأختفاء الآيات الظاهرة في اختلاف الليل والنهار فأمرهم -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يجتهدوا عند مصادفة تلك الأحوال، ويقدروا لكل صلاة قدرها، إلى أن يكشف اللَّه عنهم تلك الغمة، هذا الذي =

<<  <   >  >>