القرآن- بحيث تكون لهم الصولة والقوة والتمكين على أعدائهم، ولأن ليهو قتلة الأنبياء وأعداء الفضيلة وأصحاب السجل الأسود الحافل بالجرائم فلا يمد اللَّه لهم الحبل على الغارب، بل يسلط عليهم من ينتقم منهم ويستأصل بيضتهم.
إذا تحقق هذا الوعد -هو الوعد الحق- من الإفساد في الأرض -وقد تحقق سلفًا: بعث اللَّه عليهم عبادًا له أشداء أقوياء يسومونهم سوء العذاب، يخربون عليهم ديارهم- ويشربوهم كأس الذل والهوان، بحيث يستأصلون شأفتهم ويشردونهم ويمزَّقون شرَّ مُمزَّق، وهذا وعد من اللَّه تعالى قضاه عليهم لما يعلمه تعالى بأنهم يستحقون كل هذا العذاب فهم أهل الشر والقتل والخديعة على مر العصور.
بعد أن يلقنهم اللَّه تعالى هذا الدرس على أيدى عباده الذين وصفهم بأنهم أولو البأس شديد، ولعلهم استفادوا من هذا الدرس القاسى، أنعم عليهم بأن مدهم بالمال والبنين وجعلهم أكثر رخاء ونعمة من ذي قبل، فعسى أن يتوبوا إلى ربهم ويعودوا إلى رشدهم، ويرعووا عن غيهم، حتى إذا استعلوا وتجبروا وأفسدوا بما أعطاهم اللَّه تعالى من القوة والتمكين والمنعة، وفوضوا هذا الفضل الإلهي عليهم في غير المحل الذي أراده اللَّه لهم أن يضعوه، مكن المغلوبين والمستضعفين من النصر على المتجبرين والمستهترين من اليهود وأعوانهم.
والذى يجرى فى الوقت الراهن هو عين ما أخبر به القرآن الكريم، من وضع العرب والمسلمين مع اليهود في اسرائيل، فاللَّه تعالى كتب عليهم -اليهود- الذل والهوان {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ}[آل عمران: ١١٢].
وهنا استثناء عن هذا القضاء الإلهى عليهم، وذلك إذا أراد اللَّه تعالى لهم