للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخليفتين، فأشار إلى ذلك بالمبايعة، وكنى عن الإيمان بالأمانة، وعما يخالف أحكامه بالخيانة، واللَّه أعلم (١).

٢ - روى أحمد وأبو داود ابن ماجه والحاكم عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (كيف بكم بزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة ويبقى حثالة من الناس قد فرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتذرون أمر عامتكم (٢).

قال الحافظ في الفتح: (يجتمع الحديثان في قلة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد وشدة الاختلاف، وفي كل منهما زيادة ليست في الآخر) (٣).

في حديث حذيفة وحديث عبد اللَّه بن عمرو من الفتن وتقلب القلوب واختلال النظرات واضطراب الموازين ما يشيب منه الرضيع، فإن الناس تمتزج عهودهم وأماناتهم، والأمانة ترفع من قلوب الرجال، حتى يصبح الناس يتبايعون فلا يجدون رجلًا أمينًا بل هو أندر من الكبريت الأحمر!!.

وقد حدث حذيفة عن عصرين: الأول هو عصر النبوة ثم الخليفتين أبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- حيث أن الأمانة نزلت في عمق قلوب الرجال، فأخذوا من القرآن ونهلوا من السنة وكانت العهود يومذاك صحيحة معافاة، فعملوا بالوحيين الكتاب والسنة وصانوا الأمانة.

ثم حدث عن العهد الآخر وهو عهد الخليفة عثمان -رضي اللَّه عنه- وما جرى به من


(١) فتح الباري: ١٣/ ٣٩ - ٤٠.
(٢) صحيح الجامع: رقم (٤٤٧٠).
(٣) فتح الباري: ١٣/ ٣٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>