فمن ذلك أن البلقيني يُورِد نص كلام الشيخ ابن عبد السلام، بلفظ:(قوله)، ثم يسوق العبارة، ثم يعلّق عليها. هكذا يفعل البلقيني في جميع ما يسوقه من نصوص الشيخ ابن عبد السلام، فيسوقها مبتدئًا بكلمة (قوله).
وقد وَضَع الناسخ علامة (خ) على كلمة (قوله)، في بداية النصين رقم ٥٣٠ ورقم ٦٠١، وكأنها إشارة منه إلى أن إثبات كلمة (قوله) هنا، مستدرَكٌ من نسخة أخرى من كتاب (الفوائد الجسام)، وأنه ينبغي إثبات هذه اللفظة في هذين الموضعين كما هي عادة البلقيني في سائر الكتاب.
وعلى هذا، فإن صح هذا التخمين والتقدير، فإن نسخة الناسخ هذه التي يتم إخراج هذا العمل وفقًا لها، يمكن أن تُعتبر نسخةً وحيدةً بحسب ما وصل إلينا من نسخ هذا الكتاب، وإلا فلا تكون وحيدةً بحسب الحقيقة والواقع، بل ربما كانت هناك نسخ أخرى لهذا الكتاب لم تصل إلينا.
٢ - إن هذه النسخة للكتاب -مع كونها نسخة وحيدة- هي مُتقَنة النسخ، أبان فيها الناسخ عن مظاهر الدقة والاعتناء التي تتميز بها الكتابة العلمية عن الكتابة غير العلمية.
أ- فمن أجود وأعلى ميزات الناسخ: عنايته بضبط الكلمات، سواء بالتشكيل بالحركات وهو الأغلب، أو بالضبط بالحروف وهو نادر.
وكان الناسخ متيقظًا دقيقًا في الحرص على ضبط بعض الكلمات، بحيث إنه إن لم يضبطها لأدّى ذلك إلى اشتباهها على القارئ ووقوعِه -لا محالة- في خطأ قراءتها، فيتغير المعنى المقصود.
- مثل: ضبط كلمة (قَتَل) في جملة (كما إذا قَتَل في قطعٍ لطريقٍ ...) في النص رقم ١٢٧، فقد حَرَص الناسخ على ضبطها بالبناء للمعلوم؛ لئلا تُقرأ بالمجهول (قُتل) فتكون خطأً.
- ومثل ضبطه لجملة (الحر يَملِك) في النص رقم ١٣٠، فقد حَرَص