للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]]

١٤٢ - قوله في الفصل المعقود لاختلاف الآثام باختلاف المفاسد:

(وليس من قَتَل فاسقًا ظالمًا من فساق المسلمين، بمثابة من قَتَل إمامًا عادلًا أو حاكمًا مقسطًا أو واليًا منصفًا، لِما فَوَّته على المسلمين من العدل والإقساط والإنصاف. وعلى هذا حَمَل بعضهم قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (١) [المائدة: ٣٢]).

يقال عليه: ما ذكره الشيخ من الحمل، ضعيف. وإنما كان الواحد كالجمع هنا، لأن كل إنسان يُدلي بما يُدلي به الآخر من الكرامة على الله - عزَّ وجلَّ -، وثبوتِ الحرمة. وذُكر ذلك تعظيمًا لقتل النفس، لأن المتعرِّض لقتل النفس، إذا تَصَوَّر قَتْلَها بصورة قتل الناس جميعًا، عظُم ذلك عليه. وتبيّن بذلك أنه إنما شَبَّه الواحد بالجمع، لأن جهة الجميع واحدة، فإذا انتَهَك حرمة واحد، فقد انتَهَك حرمة الجميع.

١٤٣ - قوله فيه أيضًا: (وكذلك جناية الإنسان على أعضاء نفسه، يتفاوت إثمها بتفاوت منافع ما جَنَى عليه) إلى أن قال: (وليس لأحد أن يُتلف ذلك من نفسه، لأن الحق في ذلك كله مشترك بين ربّه وبينه) (٢).

يقال عليه: بل الحق متمحض في ذلك لربّه، وأما حق نفسه فإنه ساقط بإقدامه على ذلك. وإنما يكون الحق مشتركًا بينه وبين ربّه، إذا فَعَل به ذلك غيرَه. فليُتأمل.


(١) قواعد الأحكام ١: ١٨٠.
(٢) قواعد الأحكام ١: ١٨١.

<<  <   >  >>