فمعنى (هجمًا) هنا على المجاز: أي لا يجوز الإقدام على الوطء في الصورة المذكورة بغير تثبّتٍ وتحرٍّ وبدون بذل الاجتهاد بأمارة تغلب على الظن أنها في ملكه، وإلا فيكون الإقدام على الوطء كالدخول هَجْمًا في مكانٍ ما بغير إذن من صاحبه. وقد جاءت هذه الكلمة (هجمًا) في مواضع من كتب الشافعية بهذا المعنى، وهو الإقدام على أمر من الأمور التي اشتبه الحال فيها، بدون تثبت وتحقق من الجواز وعدمه. فمن ذلك ما في كفاية الأخيار ص ١٩٩ في الكلام على أن من أسباب المفطِّرات في الصوم: عدم المعرفة بطَرَفَيْ النهار، وفيه يقول الحصني: (وأما معرفة طَرَفَيْ النهار فلا بد من ذلك في الجملة لصحة الصوم، حتى لو نوى بعد طلوع الفجر لا يصح صومه؛ أو أكل معتقدًا أنه ليل وكان قد طلع الفجر، لزمه القضاء. وكذا لو أكل معتقدًا أنه قد دخل الليل، ثم بان خلافه، لزمه القضاء، حتى لو أكل آخر النهار هجما بلا ظن فهو حرام بلا خلاف. نعم إذا غلب على ظنه الغروب بالاجتهاد ... جاز له الأكل على الصحيح). ووردت الكلمة أيضًا بهذا المعنى في نهاية المحتاج ١: ٩٦ وحاشية الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج ١: ١١٠ فيما يتعلق بالاشتباه بين ميتة ومذكّاة، فالحكم فيه أنه لا اجتهاد في ذلك مطلقًا للأكل وغيره (بل إن وُجد اضطرارٌ جاز له التناول هجمًا وإلا امتنع ولو باجتهاد). (١) في المطبوع من قواعد الأحكام ١: ١٦٥ هكذا: (فصل في بيان وسائل المصالح). (٢) قواعد الأحكام ١: ١٦٦ - ١٦٧.