ويقول الشاطبي في الاعتصام ٢: ٥٠ (وإذا تأملنا المكروه -حسبما قرره الأصوليون- وجدناه ذا طرفين: طرف من حيث هو منهي عنه، فيستوى مع المحرَّم في مطلق النهي، فربما يُتوهم أن مخالفة (نَهْي الكراهية) معصيةٌ من حيث اشترك مع (المحرَّم) في مطلق المخالفة؛ غير أنه يَصُدّ عن هذا الإطلاق: الطرفُ الآخر وهو أن يُعتبر من حيث لا يترتب على فاعله ذم شرعي ولا إثم ولا عقاب، فخالف المحرَّم من هذا الوجه، وشارك المباح فيه، لأن المباح لا ذمَّ على فاعله ولا إثم ولا عقاب). (١) هو حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله سيُخلِّص رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشُرُ عليه تسعة وتسعين سجلًّا، كلُّ سجلّ مثلُ مدّ البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟ أَظَلَمك كَتَبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربِّ، فيقول: أفلك عذر؟ قال: لا يا ربِّ، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنةً! فإنه لا ظلمَ عليك اليوم. فتخرج بطاقةٌ، فيها: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده =