للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذه المفاسد، كما جُعل شربُ قطرة من الخمر من جملة الكبائر وإن لم تتحقق المفسدة، ويجوز أن يُضبط ذلك المال بنصاب السرقة). انتهى (١).

ينبغي أن يفرّق بين: (شهادةُ الزور كبيرةٌ وإن وقعت في مالٍ حقيرٍ)، (وأنّ أكل زبيبة أو تمرة من مالِ يتيمٍ، ليس كبيرةً).

والفرقُ: عِظمُ الجرأة على شهادة الزور.

١٣ - قوله فيه أيضًا في تفاوت الكبائر: (وفي الوقوف على تساويها وتفاوتها عزةٌ (٢)، والوقوف على التساوي أعز من الوقوف على التفاوت، ولا يمكن ضبط المصالح والمفاسد إلا بالتقريب. ولا يلزم من النص على كون الذنب كبيرةً أن يكون مساويًا لغيره من الكبائر، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن من الكبائر أن يَشتم الرجلُ والدَيْه!)، الحديث (٣). انتهى ملخصًا (٤).

كان الأولى أن يستدلّ لهذا الغرض بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال


(١) قواعد الأحكام ١: ٣٠.
(٢) أي: صعوبة لِما في ذلك من الدقائق واللطائف، ولهذا قال الشيخ بعده: (ولا يَهتدِي إليها إلا من وفّقه الله تعالى) كما في قواعد الأحكام ١: ٣٠.
(٣) هذا لفظ مسند البزار ٦: ٤٤٥ (٢٤٨٣) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. وهو في صحيح مسلم ١: ٩٢ (٩٠) بلفظ: (من الكبائر شَتْم الرجل والدَيْه).
(٤) قواعد الأحكام ١: ٣٠. ووجه الاستدلال بهذا الحديث على أن الذنب قد يُنص على كونه كبيرةً ومع ذلك يكون أكبرَ من غيره من الكبائر الأخرى، هو ما وضّحه الشيخ ابن عبد السلام في التعليق على الحديث بقوله: (جَعَل - صلى الله عليه وسلم - التسبب إلى سبّهما من الكبائر، وهذا تنبيه على أن مباشرة سبّهما أكبرُ من التسبب إليه. وفي رواية البخاري:) إن من أكبر الكبائر أن يَلعن الرجل والديه!) قالوا: يا رسول الله، وكيف يَلعن الرجل والديه؟! قال: (يسبّ أبا الرجل، فيسبّ أباه؟ ويسبّ أمَّه، فيسبّ أمَّه). جَعَل اللعن من أكبر الكبائر لفرط قبحه، بخلاف السبّ المطلق) قال: (وقد نص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أن عقوق الوالدين من الكبائر مع الاختلاف في رتب العقوق). انتهى. قواعد الأحكام ١: ٣١.

<<  <   >  >>