للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويحتمل أن يعلّق على الحقيقة، لأن ذلك لم يقع في الدنيا لغير النبي صلى الله عليه وسلم (١).

فإن قيل: فكيف ساغ دخول (إنْ)، وهي لا تدخل إلا على المشكوك؟ قلنا: قد يستعملها العرب في المحقَّق (٢).

* * *


= -باب إن الله عنده علم الساعة ٤: ١٧٩٣ (٤٤٩٩) وفي الإيمان- باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة ١: ٢٧ (٥٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. ورواه مسلم: الإيمان- باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ١: ٣٦ من حديث عمر - رضي الله عنه -.
(١) توضيح ما يريده البلقيني في تعليقه هذا على الحديث المذكور: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) يحتمل معنيين:
المعنى الأول: وهو المتبادر والمتداول لدى عامة أهل العلم-: أن على العبد أن يتصور أولًا كأنه هو نفسه ينظر إلى الله تعالى في حال العبادة، فإذا عَجَز عن هذا التصور، فلْيتصور بعد ذلك أن الله تعالى ناظرٌ إليه، لأنه سبحانه تعالى ناظرٌ حقيقةً إليه.
أما المعنى الثاني: فهو أن كل واحد منا يعلم جزمًا أنه عاجز عن رؤية الله تعالى رؤيةً حقيقية في الدنيا؛ لأن ذلك لم يقع في الدنيا لغير النبي صلى الله عليه وسلم، فما دام الأمر كذلك وهو أن العجز عن ذلك واقع حقيقةً، فلا داعي لمحاولة تصور أننا نرى الله تعالى، بل ينبغى أن ينتقل العبد مباشرة إلى تصور أن الله تعالى هو الناظر إليه، فيكون هذا أحد المعنيين -على رأي البلقيني- في توجيه جملة: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك). والله أعلم.
(٢) هذا إيراد من البلقيني نفسه رحمه الله على توجيهه لجملة (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) بالمعنى الثاني في الهامش المتقدم، وهو العجز الحقيقي عن الرؤية. فيقول البلقيني: إذا كان المراد بنفي رؤية الله تعالى في الحديث، هو العجز الحقيقي عنها كما قلتم على الاحتمال الثاني، فما هو تفسير كلمة (إنْ) في جملة (فإن لم تكن تراه)، وهي لا تدخل إلا على شيء مشكوك، وقد حُملت هنا على الحقيقة لا على المشكوك، فجوابه ما قاله البلقيني: أن الأصل في كلمة (إنْ)، كونها للمشكوك لكن قد تُستعمل في الحقيقة أيضًا. والله أعلم.

<<  <   >  >>