الكفر، إذ ليس من إجلال الربّ أن تؤخذ الأعواض على سبِّه وشتمِه ونسبتِه إلى ما لا يليق بعظمته. ومن ذهب إلى ذلك فقد أبعد).
علّق البلقيني على هذا قائلًا:(هذا يقتضي أن من العلماء مَن ذهب إلى ذلك، ولا أعلم من قال به. وإنما تؤخذ الجزية عن حقن دمائهم أو أجرة سكناهم في بلاد المسلمين، على الخلاف في ذلك. وأما على ما ذكره الشيخ، فلم يقل به أحد).
وفي النص رقم ١٢٥ قال الشيخ ابن عبد السلام:(الغيبة مَفسدةٌ محرّمة، لكنها جائزة إذا تضمنت مصلحةً واجبة التحصيل أو جائزة التحصيل. ولها أحوال: أحدها: أن يشاوَر في مصاهرة إنسان، فيذكره بما يكره)(١) إلى أن قال: (فهذا جائز. والذي يظهر لي أنه واجب لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنصح لكل مسلم).
يقول البلقيني تعليقًا عليه:(ما ذكره من الوجوب على ما ظهر له، جزم به النووي في (الأذكار) و (الرياض) وشرح مسلم. والصواب خلافه؛ لأنه يؤدي إلى أن لا يَرغب أحدٌ في المستشار فيه، ويؤدي ذلك إلى مفسدة أعظم مما يحصل في مصاهرته، كوقوعٍ في زنى ونحو ذلك. فالصواب: الجواز.
وفي النص رقم ١٢٩ قال الشيخ ابن عبد السلام ضمن بيانه لحالات من يدّعي الإعسار:(الحالة الثانية: أن لا يُعرف له غنى ولا فقر. وفيه مذاهب: أحدها: لا يُحبس، لأن الأصل فقرُه) ثم قال: (والثاني: يُحبس، لأن الغالب في الناس أنهم يملكون ما فوق كفايتهم، والفقراء الذين لا يملكون
(١) ومثّل له الشيخ ابن عبد السلام بقوله: (كما قال - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس لمّا خطبها أَبو جَهْم ومعاوية: (إن أبا جهم ضَرّابٌ للنساء، وإن معاوية صعلوك لا مالَ له). فذَكَرهما بما يكرهانه نصحًا لها، ودفعًا لضيق عيشها مع معاوية، وتعرّضها لضرب أبي الجهم (قواعد الأحكام) ١: ١٥٣.