الظاهرية، أن يتولى الشيخُ أمرَ التدريس فيها إضافةً إلى تدريسه في الصالحية، فأَبَى وقال: إن معي تدريس الصالحية، فلا أُضيِّق على غيري!
وسأله الملك أن يَشترط في وقفها أن يكون التدريس لأولاده، فقال: إن في هذا البلد من هو أحق منهم، فقال: لا بد أن يكون لهم فيها وظيفةٌ بالشرط، ففكّر الشيخ وقال: إن كان لا بد فتكون الإمامة، فشَرَط لهم.
وعَرَض عليه الظاهر بيبرس أيضًا، حين مرض الشيخ ابن عبد السلام وأحس بالموت، أن يُعيِّن الشيخ مناصبه -التي كان يتولّاها- لمن يريد من أولاده، فقال: ما فيهم من يصلُح! وهذه المدرسة الصالحية تصلُح للقاضي تاج الدين ابن بنت الأعز (وهو أحد تلاميذ الشيخ)، ففُوّضتْ إليه (١).
٢ - وكان مع فقره كثير الصدقات. ولقد وقع مرةً بدمشق غلاءٌ كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل، فأعطته زوجته مَصاغًا لها وقالت: اشتر لنا به بستانًا نَصِيفُ به، فأَخَذ ذلك المصاغ وباعه وتصدق بثمنه! فقالت: يا سيدي اشتريتَ لنا؟ قال: نعم بستانًا في الجنة! إني وجدتُ الناس في شدة، فتصدقتُ بثمنه. فقالت له: جزاك الله خيرًا.
٣ - وأفتَى مرةً بشيء، ثمَّ ظهر له أنَّه خطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: مَنْ أَفتَى له فلان (يعني نفسَه) بكذا فلا يَعمَلْ به، فإنَّه خطأ!
٤ - ومن أدعيته التي تلهج بها الألسن على المنابر يوم الجمعة، قوله:
(١) ينظر لما سبق: الشيخ عز الدين بن عبد السلام للدكتور الصلابي ص ٦٣. يقول الدكتور محمَّد الزحيلي معلقًا على هذا الورع والإيثار من الشيخ ابن عبد السلام: (والحقيقة أن ولد العز: الشيخ عبد اللطيف، كان عالمًا فقيهًا ويصلح للتدريس، ولكن ورع العز وزهده منعه من جعل منصب التدريس وراثة لأولاده). العز بن عبد السلام للزحيلي ص ١٠٧ - ١٠٨.