التفرقة وتخصيص الوعيد بربا الفضل فقط، يخالف تعميم وإطلاق نص كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الواضح أن أسلوب هذا التعقيب (وهو قوله: (لكن ظاهر قوله ... " لا ينسجم أن يكون صادرًا من البلقيني، إذ كيف يصح أن يتعقب هو بنفسه على نفسه؟
وتعقيب الناسخ هذا على شيخه البلقيني، يدل على أنه يتمتع بتدقيق النظر وتمحيص الفكر فيما ينقله عن شيخه البلقيني من الآراء.
مثال آخر مما يدل على مشاركة الناسخ العلمية:
النص ٢٦٥: جاء فيه قول الشيخ ابن عبد السلام أن التوبة لها أركان: الندم، والعزم، والإقلاع.
هذا الرأي للشيخ ابن عبد السلام، علَّق عليه البلقيني كما نقله عنه تلميذه الناسخ، هكذا:
قال الناسخ: (قال شيخنا (أي: البلقيني): الأقرب عندي أنَّه لا يعتبر في التوبة إلا الندم فقط، ويلزم منه الإقلاع والعزم أن لا يعود، وإلا فلا يكون ندمًا نافعًا، ومن ثَمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الندم توبة) ... وهذا دقيق). انتهى.
فكلمة:(وهذا دقيق) في آخر هذا التعليق، يُستشف من أسلوبها، أنها جاءت على لسان هذا الناسخ، ثناءً واستحسانًا منه على ما أبداه شيخه من الرأي في حقيقة التوبة والركن الأساسي فيها، وهو أنها ندمٌ!
ومقصود البلقيني أنه عند ما يصدُق هذا الندم عند التائب في توبته، سيَتْبعه تلقائيًّا الإقلاعُ عن الذنب والعزمُ على عدم العود إليه، فإذًا لا حاجة -في نظر البلقيني- إلى إضافة تلك الأركان الثلاثة في ماهية (التوبة)، بل يكفي الاقتصار على أنها (ندمٌ).
وعلى هذا، فتعقيب الناسخ على رأي شيخه هنا، أنَّه دقيق، هي مشاركة