للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقال: سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب فقال: يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التاويل، وإنما نَزَلَتْ هذه فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرًا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أموالنا قد ضاعت، وأن الله قد أعز الإسلام وكئر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - يرد علينا {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتَرَكْنَا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصًا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم (١).

أبو داود، عن أبي أمامة التيمي قال: كنت رجلًا أَكْرِي في هذا الوجه، وكان ناس يقولون ليس لك حج، فلقيت ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن إني رجل أكْرِي في هذا الوجه، وإن ناسًا يقولون ليس لك حج، قال: يعني ابن عمر: ألست تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قلت: بلى، قال: فإن لك حجًا جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن مثل ما سألتني عنه، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يجِبْهُ حتى نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأ عليه هذه الآية، وقال: "لَكَ حَجٌّ" (٢).

البخاري، عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومخبت وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية يتأثموا أن يتجروا في أموالهم، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في موسم الحج (٣).

وعن عائشة قالت: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا


(١) رواه الترمذي (٢٩٧٢) والنسائي في التفسير (٤٨) وأبو داود (٢٥١٢) وابن حبان (٤٧١١) والحاكم (٢/ ٢٧٥).
(٢) رواه أبو داود (١٧٣٣).
(٣) رواه البخاري (١٧٧٠ و ٢٠٥٠ و ٢٠٩٨ و ٤٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>