للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًا سيملك موضع قدمي هاتين، ولقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه، ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به مع دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل عظيم الروم فقرأه فإذا فيه: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدِ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولهِ إِلى هِرَقل عَظِيم الرُّوم، سَلاَمٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلمْ يُؤتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا

عَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قال أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأُخْرجنا، فقلت لأصحابي حين أُخرجنا لقد أَمِرَ أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنًا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام، وكان ابن النَّاطُور صاحب إيلياء، وهرقل سُقُفًا على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يومًا خبيث النفس، فقال له بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن النَّاطُور: وكان هرقل حَزَّاءً ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يَهُمَّنَّكَ شأنهم واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من

فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا، فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن، وساله عن العرب يختتنون، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>