للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله ما ولَّى، ولكنه انطلق أَخِفَّاءٌ من الناس وحُسَّرُ إلى هذا الحي، الحي من هوزان وهم قوم رماة،

فرموهم برشق من نَبْلٍ كأنها رِجْلٌ من جراد، فانكشفوا فأقبل القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو سفيان بن الحارث يَقُودُ بِهِ بَغْلة فنزل ودعا واستنصر وهو يقول:

"أَنَا النّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

اللَّهُمَ نَزِّلْ نَصْرَكَ" قال البراء: كنا والله إذا احْمَرَّ البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

وعن العباس بن عبد المطلب قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نفارقه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض بغلته قبل الكفار، قال: وأنا آخذ بخطام [بلجام] بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيْ عَبَّاسُ نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ" فقال عباس وكان رجلًا صيتًا، فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: والله لكان عَطْفَتَهُمْ حين سمعوا صوتي عَطْفَةَ البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة علي بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" قال: ثم أخذ


(١) رواه مسلم (١٧٧٦) والبخاري (٢٨٦٤ و ٢٨٧٤ و ٢٩٣٠ و ٣٠٤٢ و ٤٣١٥ و ٤٣١٦ و ٤٣١٧) والترمذي (١٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>