رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سِلاَحَهُمْ واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادٍ من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضِغثًا في يدي، ثم قلت: والذي كرم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع أحد منكم رأسه إلَّا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وجاء عمي عامر برجل من الْعَبَلاَتِ يقال له مِكْرَز يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مُجَفَّفٍ في سَبْعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"دَعُوهُمْ يَكْنُ لهم بَدْءُ الفجور وثنَاهُ" فعَفَا عنهم رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ. . .} الآية كلها، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلًا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون، فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رَقِيَ هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظهره مع رباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أُنَدِّيه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستاقه أجمع وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين قد أغاروا على
سرحه، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثًا: يا صباحاه، ثم خرجت في أثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فألحق رجل منهم فأصكه سهمًا في رَحْلِهِ حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل