ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّاَلِثَةِ" فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر:"مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلاَءِ الأَسْرَى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أَرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " قلت: لا والله يا رسول الله ما أرى أبو بكر، ولكن أرى إن تمكنَّا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَبْكِي لِلَّذي عَرَضَ عَلَي أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهُم الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ" شجرة قريبة من نَبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} فأحل الله الغنيمة لهم (١).
وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُريدُ أَنْ يَبنيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ، وَلاَ أَحَدٌ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهَا، وَلاَ آخَرُ قَد اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ ولاَدَهَا، قال: فَغَزَا فَأَدْنَى لِلْقَرْيَة حينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيَهِ، قال: فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا فَأقبَلَت النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، فَأبَتْ أَنْ