رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهَكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَر إِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذي نَفْسي بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ" فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتَّى أتى قريشًا قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته، يقول: قال سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام عروة بن مسعود: فقال: أي قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلَّحُوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: إلى قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطبة رشد، اقبلوها، ودعوني آتيه، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فوالله إنى لأرى وجوها واني لأرى أشوابًا من الناس خليقًا أن يفروا عنك ويدعوك، فقال له أبو بكر الصديق: أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ فقالوا: أبو بكر، فقال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أَجِزْكَ بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما تكلم كلمة أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنعل السيف وقال: أَخِّر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر ألستُ أسعى في غَدْرتَكَ؟ وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال