للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، وكانت رضاعة الكبير وقتئذ مشروعة ثم نسخت، وبذلك صرحت عائشة –رضى الله عنها- قالت: "كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن" (١) وفى رواية لابن ماجة، وأحمد، عن عائشة – رضى الله عنها – قالت: "لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن (٢) فأكلها" (٣) .

أما الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين فهى من رواية أحداث الصحابة فدل على تأخرها.

قال الحافظ ابن حجر: وهو مستند ضعيف، إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوى، ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدماً، وأيضاً ففى سياق قصة سالم ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين، لقول امرأة أبى حذيفة فى بعض طرقه: "وكيف أرضعه وهو رجل كبير"؟ فهذا يشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر فى الرضاع المحرم" (٤) أ. هـ.

... يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "وفى تعقيب ابن حجر نظر، لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، بلا نقاش، كما هو واضح من ترجمته، ورواية اعتبار الحولين تؤكد تأخر الحكم عن قصة سالم، وقول امرأة أبى حذيفة، وإن أشعر بتقدم الحكم على سبيل الاحتمال، لكنه لا يفيد تقدم الحكم.


(١) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات ٥/٢٨٥رقم ١٤٥٢.
(٢) داجن هى: الشاة التى يعلفها الناس فى منازلهم، وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها، انظر: النهاية فى غريب الحديث ٢/١٠٢، ولسان العرب ١٣/١٤٨، والمعجم الوسيط ١/٢٧٢.
(٣) أخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب النكاح، باب رضاع الكبير ١/٦٠٩ رقم ١٩٤٤، وأحمد فى مسنده ٦/٢٦٩، وانظر: جواب ابن قتيبة على من أنكر هذا الحديث ص ٢٨٠-٢٨٣.
(٤) فتح البارى ٩/٥٣ رقم ٥١٠٢.

<<  <   >  >>