للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجمهور على أن قصة سالم رضي الله عنه خاصة به لما وقع له من التبنى الذى أدى إلى اختلاطه بسهلة فلما نزل الاحتجاب، ومنع التبنى شق ذلك على أبى حذيفة وسهلة لما تقرر فى نفسهما أنه ابنهما، وحيث كان يدخل على سهلة كيف شاء ولا تحتشم منه كما جاء من قولها فى رواية أحمد. وليس لهم إلا بيت واحد.

فمن أجل رفع المشقة، ولما اجتمع فى سالم من صفات لا توجد فى غيره، وقع له الترخيص فى الرضاعة مع بلوغه لما تقرر فى نفوسهم جميعاً من صفات الأبوة من سالم تجاه أبى حذيفة وسهلة، وصفات البنوة من أبى حذيفة وسهلة تجاه سالم.

ومما يؤكد ذلك ذهاب ما فى نفس أبى حذيفة نتيجة لهذا الرضاع.

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين "ولا أظنه يذهب ما فى نفس غير أبى حذيفة مع غير سالم" (١) .

وذهب الجمهور أيضاً بنسخ قصة سالم بما جاء من الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين.

... أما عائشة –رضى الله عنها- ومن قال بقولها من الفقهاء فرأوا أن قصة سالم رضي الله عنه عامة للمسلمين، لمن حصل له ضرورة: وللكل فى هذا الخلاف وجهة نظر ودليل، ولم يكن لهذا الاختلاف بينهم أى أثر فى اعتقادهم صحة الحديث، الذى يحاول دعاة الفتنة وأدعياء العلم تضعيفه أو النيل من عدالة رواته، ومن أخرجه من الأئمة الأعلام فى كتبهم.

... ويؤخذ من قصة سالم صدق إيمان سهلة، وأبى حذيفة، وسرعة امتثالهما للوحى الإلهى، لأن الغيرة منهما، وقعت نتيجة لما نزل فى كتاب الله عز وجل من النهى عن التبنى، والأمر بالاحتجاب. فتغيرت نظرة البنوة نحوه، امتثالاً لما نزل.

... ولو كانت الغيرة لشئ غير ذلك، لما كان هناك معنى لذهاب ما فى نفس أبى حذيفة بتلك الرضاعة، التى ما كانت إلا أمراً إلهياً، امتثل له الجميع، ورفعت عنهما به المشقة والحرج أ. هـ. ... ... ... والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم


(١) فتح المنعم بشرح مسلم ٩/١٧٧.

<<  <   >  >>