للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ويرشح لهذا الاحتمال قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (١) فعود الضمير فى الآية "إنه" على ما ذكر قبلاً فى قوله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} (٢) دليل على أن التصريح به مراد الشرف، لا سيما ومن قبل ذلك قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (٣) . فذكر القرآن بالنص أولاً، وذكره بالوحى ثانياً، ووصف ذلك بأنه ذكر للنبى صلى الله عليه وسلم ولقومه، مما يقوى الاحتمال العقلى، أن المراد من الذكر فى سورة الحجر هو الرسالة والشرف.

الثانى: أن يكون المراد من الذكر الشريعة مطلقاً، ويرشح لهذا الاحتمال ما تناولته السورة بعد الآية التى معنا فى ذكر موقف الأمم السابقة مع رسلهم، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} (٤) .

... والأنبياء يكلفون الأمم بالشرائع، والشريعة: كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والذى يستعرض حالات الأمم مع الأنبياء يقف أن محاجاة الكافرين مع الرسل، تدور كلها حول التكليف الذى مصدره ما ينزله الله بالوحى المعبر عنهما بالكتاب والسنة؛ فالسنة ليست من المسائل الخاصة بالنبى صلى الله عليه وسلم، كما سنبينه فى المبحث الثالث إن شاء الله تعالى.


(١) الآية ٤٤ من سورة الزخرف.
(٢) الآية ٤٣ من سورة الزخرف.
(٣) الآية ٣١ من سورة الزخرف.
(٤) الآيات ١٠-١٣ من سورة الحجر.

<<  <   >  >>