للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحجة المنكرين لحجية السنة النبوية من الروايات السابقة: أنها تفيد عرض السنة على القرآن فما وافق القرآن؛ فهو من السنة، وتكون السنة في هذه الحالة لمحض التأكيد، والحجة هو القرآن فقط، وما خالف القرآن بإثبات حكم شرعي جديد؛ فهو ليس من السنة، ولم يقله النبي صلى الله عليه وسلم. ولا حجة فيه.

يقول محمد نجيب: "فإذا كانت سنة الرسول وحديثه متفقة مع سنة الله وحديثه فاتباعها حكم من متبعها أنها أحسن من سنة الله، وأنها حديث خير من حديث الله، وليس في هذا إلا تكذيب لله القائل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم} (١) وهذا يحتم عدم الأخذ بسنة غير الله، وحديث غير الله، ولو كان متفقًا مع كلام الله فاتباعه خلط لدين الإنسان، وخروج عن الدين الخالص لله وحده إذ بذلك يكون الدين خليطًا.

أما إذا كانت السنة والحديث غير متفقة مع كلام الله، وحديث الله، وسنة الله، فلا يمكن أن يعمل بها مسلم، أو أن يقبلها (٢) .

يقول الدكتور أحمد صبحي منصور: "..... مع أهمية المناقشة بالقرآن لكل ما جاء في التراث من أحكام فقهية وروايات خرافية (٣) .

ويقول الأستاذ جمال البنا: "هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن، نحن نحكم عليها في ضوء القرآن، فما لا يخالف القرآن يقبل، وما يخالفه يستبعد، فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها. وتحريم لحم الحمر الأهلية، أمور لانرى مانعًا فيها، ونجد فيها قياسًا سليمًا (٤) .

وهكذا اتخذ أعداء السنة من منهج عرض السنة على القرآن الكريم قاعدة ينطلقون منها للتشكيك في حجية السنة المطهرة وهدمها. وهم يصرحون بتلك الحقيقة وأهدافها.

ومن قاعدة عرض السنة على كتاب الله عزَّ وجلَّ، انطلق أعداء الإسلام من الرافضة والزنادقة يشككون في حجية السنة المطهرة وتابعهم دعاة الفتنة وأدعياء العلم؛ أمثال الدكتور أحمد صبحي منصور، وإسماعيل منصور، ومحمود أبو رية، ومحمد نجيب، وقاسم أحمد وغيرهم ممن سبق ذكرهم وفيما يلي الجواب عن شبهتهم هذه.

وتكلم العلماء عن هذا الحديث كلامًا يستلزم أن يكون من أشد الموضوعات أو الضعيف المردود ونختار من أقوالهم ما يأتي:

قال الإمام الشافعي: "ما روي هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر.. وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء (٥) .

ويعلق الأستاذ أحمد شاكر (٦) في تحقيقه لكتاب الرسالة على هذا الحديث فيقول: "هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة، كلها موضوع، أو بالغ الغاية في الضعف، حتى لا يصلح شيء منها للاحتجاج أو الاستشهاد (٧) .


(١) الآية ٢٣ من سورة الزمر.
(٢) انظر: الصلاة ص ٢٧٨، ٢٧٩.
(٣) انظر: مجلة روزاليوسف العدد ٣٥٦٣ ص ٣٦، وانظر: البحث في مصادر التاريخ الديني لأحمد صبحي منصور ص ٤٠، ٢٨٧.
(٤) السنة ودورها في الفقه الجديد ص ٢٥٤، وسيأتي الرد على ذلك وأنه غير مخالف للقرآن في مبحث أدلة حجية السنة ص ٥٣٣.
(٥) الرسالة للشافعي ص ٢٢٥.
(٦) أحمد شاكر: هو العلامة محمد شاكر، يكني: أبا الأشبال محدث ومحقق، وقاضي شرعي، وعضو المحكمة الشرعية العليا "سابقًا" من مؤلفاته الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، ونظام الطلاق في الإسلام، وغير ذلك. مات سنة ١٣٧٧هـ. انظر: ترجمته في كتابه كلمة الحق بقلم الأستاذ محمود محمد شاكر.
(٧) الرسالة للشافعي ص ٢٢٤.

<<  <   >  >>