للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام الشوكاني: "فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته" (١) .

ويشهد لبطلان الحديث ما فيه من إباحة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.:"قلته أو لم أقله فصدقوا به". وفي لفظ: "ما بلغكم عنى من قول حسن لم أقله فأنا قلته".

قال ابن حزم:" وهذا هو نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.؛ لأنه حكى عنه أنه قال: " لم أقله فأنا قلته" فكيف ما لم يقله أيستجيز هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق (٢) ؟.

قلت: وفي هذا رد على ما زعمه كذبًا جولدتسيهر من أن المحدثين يقررون "احتجاجًا" مثل حديث "ما قيل من قول حسن فأنا قلته" (٣) .

وحسبنا بهذه الطائفة المستشهدة بهذا الحديث أنهم مقرون على أنفسهم، بأنهم كاذبون، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنه قال: " من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين" (٤) أ. هـ.

وعلى فرض صحة الحديث، فلا دلالة فيه على عدم حجية السنة النبوية، فكل ما يدل عليه أنه من أدلة صدق الحديث أن يكون وفق ما جاءت به الشريعة من المحاسن، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على كذبه، ونحن نقول بذلك على ما هو مقرر عند المحدثين من علامات وضع الحديث، تكذيب الحسن له (٥) .

ويقول الحكيم الترمذي (٦) في تأويل الحديث: " قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا حدثتم عنى بحديث تعرفونه، ولا تنكرونه" فنقول من تكلم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. بشئ من الحق، وعلى سبيل الهدي؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم سابق إلى ذلك القول وإن لم يكن قد تكلم بذلك اللفظ الذي أتى به من بعده،


(١) المصدر السابق ص ٢٨١.
(٢) أخرجه ابن حزم في الإحكام ٢/ ٢١٣ بسند فيه اشعث بن بزار، وقال فيه: كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه، وبسند آخر فيه الحارث والعرزمي وعبد الله بن سعيد، وضعف الأولين وقال في الثالث كذاب مشهور. وانظر: مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص ٣٩، ٤٠.
(٣) العقيدة والشريعة في الإسلام ص ٥٥.
(٤) سبق تخريجه ص ٤٠.
(٥) المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزرية ص ٥١، وانظر: السنة ومكانتها في التشريع للدكتور السباعي ص ١٦٤.
(٦) الحكيم الترمذي هو: الإمام أبو عبد الله محمد بن على بن الحسن، الزاهد، الواعظ، المؤذن، صاحب التصانيف النافعة، منها نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول، والرد على المعطلة، وختم الأولياء عاش إلى= =حدود ٣٢٠هـ. له ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٢/ ٦٤٥ رقم ٦٦٨، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص ٢٨٦ رقم ٦٤٢، ولسان الميزان لابن حجر ٥/ ٣٠٨، رقم ١٠٣٣، وطبقات الشافعية لابن السبكي ٢/ ١٤٥، وتاريخ بغداد ١١/ ٣٧٣رقم ٦٢٢٦.

<<  <   >  >>