للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

، فسأله عن شىء، فأملاه عليه، ثم سأله عن رأيه؛ فأجابه فكتب الرجل فقال رجل من جلساء سعيد: أيكتب يا أبا محمد رأيك؟ فقال سعيد للرجل: ناولينها فناوله الصحيفة فخرقها" (١) .

... وكان مجاهد يقول لأصحابه: "لا تكتبوا عنى كل ما أفتيت به، وإنما يكتب الحديث. ولعل كل شىء أفتيتكم به اليوم أرجع عنه غداً" (٢) .

... ومن هنا ندرك صحة علة النهى عن كتابة شىء -فى أول الأمر- سوى القرآن الكريم صيانة لهذا الكتاب المعجز ممن كانوا حديثى عهد بالإسلام ولم يعتادوا على أسلوبه وأكثرهم من الأعراب الذين لم يكونوا فقهوا فى الدين.

... وفى نفس الوقت تعليم للصحابة وللأمة من بعدهم المنهج الأمثل فى المحافظة على هذا الكتاب الخالد.

مع العلم بأن النهى فى أول الأمر كان يشمل وقت نزول القرآن أو بعده، ممن يمكن أن تقع فى يده هذه الصحيفة وهو من غير أهل العلم حتى إذا تعلموا الدرس، جاء الإذن بكتابة السنة لمن اعتادوا أسلوب القرآن وتمييزه كعبد الله بن عمرو وغيره ممن أذن لهم النبى صلى الله عليه وسلم، مع استمرار النهى عن كتابة السنة مع القرآن فى صحيفة واحدة حتى وإن كان مميزاً بينهما.


(١) أخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم ٢/١٤٤.
(٢) الميزان للشعرانى ١/٣٢، وانظر: قواعد التحديث للقاسمى ص ٥٢، وانظر: أثر آخر عن جابر بن زيد فى جامع بيان العلم ٢/٣١، وانظر: تقييد العلم ص ٢٠، تصدير الدكتور يوسف العش.

<<  <   >  >>