للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أقول هنا بنسخ أحدهما للآخر (١) ،لأن النسخ لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع وهو ممكن هنا. وهذا ما ذهب إليه الدكتور عبد الغنى-رحمه الله تعالى- فى الجمع بين

أحاديث النهى وأحاديث الإذن. قال: "وقد قال بالنسخ جمهور العلماء (٢) ، واختاره بعض المتأخرين (٣) .

والحق أنه لا نسخ أصلاً، وأن النهى دائر مع الخوف -من العلل السابقة- والأذن دائر مع الأمن وجوداً وعدماً ... فإنه يجب أن لا نقول بالنسخ إلا عند عدم إمكان الجمع بغيره، وقد أمكننا الجمع بتخصيص النهى بحالة الخوف، والإذن بحالة الأمن، مع التحديث والتبليغ فى الحالتين، وهو جمع معقول المعنى. فما الذى يضطرنا إلى القول بالنسخ؟

ثم إنه لا داعى للتخصيصات بالصحف أو الأشخاص أو الأزمنة كما يذكر فى بعض أقوال الجمع، بل المدار فى النهى على حصول الاشتباه من كتابة السنة مع القرآن أو مستقلة ومن كاتب الوحى أو من غيره. وفى زمن نزول الوحى أو فى غيره. والمدار فى الإذن على الأمن من الاشتباه فى هذه الأحوال كلها (٤) أ. هـ.

... وهكذا شاءت إرادة الله عز وجل، أن يكون النهى عن كتابة السنة جزء من هذا المنهاج العظيم الذى حفظت به رسالة الإسلام القائمة على الكتاب والسنة معاً.


(١) لا نسخ النهى بالإذن، ولا الإذن بالنهى، ولو صح الأول فلا يصح الثانى بحال كما سبق ص٢٧٦
(٢) أى نسخ أحاديث النهى بأحاديث الإذن، على ما حكاه ابن تيمية فى جوابه فى كتابة صحة أصول مذهب أهل المدينة ص ٣٧. وفى مقابل الجمهور من عكس فذهب إلى أن الإذن منسوخ بالنهى كالأستاذ محمد رشيد رضا ومن تابعه وسبق الرد عليه ص ٢٧٦-٢٧٨.
(٣) كالأستاذ الخولى فى مفتاح السنة ص ١٧، والأستاذ أحمد محمد شاكر فى الباعث الحثيث ص١١٢
(٤) حجية السنة للدكتور عبد الغنى ٤٤٦ – ٤٤٧ بتصرف.

<<  <   >  >>