للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وعلى هذا يحمل مرسل ابن أبى مليكه عن أبى بكر الصديق رضي الله عنه، فلو كان له أصل فكونه عقب الوفاة النبوية -كما جاء فى الرواية- يشعر بأنه يتعلق بأمر الخلافة، كأن الناس عقب البيعة بقوا يختلفون، يقول أحدهم: أبو بكر أَهْلُهَا؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال كيت وكيت، فيقول آخر: وفلان، قد قال له النبى صلى الله عليه وسلم كيت وكيت، فَأَحَبَ أبو بكر صرفهم عن الخوض فى ذلك، وتوجيهم إلى القرآن وفيه قوله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (١) .

... وما فعله الفاروق عمر رضي الله عنه وصار فيه على نهجه الصحابة رضي الله عنهم من المنع من التحديث والإكثار منه كان اتباعاً لمنهاج النبى صلى الله عليه وسلم القائل: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، وعلى الدرب صار أئمة المسلمين من التابعين فمن بعدهم.

فعن ابن وهب قال: قال لى مالك: اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع. ولا يكون إماماً أبداً، وهو يحدث بكل ما سمع" ونحوه روى عن عبد الرحمن بن مهدى (٢) ، وغيره.

بقى الكلام على حبس عمر رضي الله عنه لبعض الصحابة؛ وهل يكفى لحبسهم أنهم أكثروا من الرواية؟! وهل كان هذا من عمر طعناً منه فى الصحابة، وتكذيباً لهم كما زعم بعض غلاة الشيعة (٣) ؟!

الجواب:


(١) جزء من الآية ٣٨ من سورة الشورى، وانظر: الأنوار الكاشفة للمعلمى ص ٥٤.
(٢) الآثار السابقة أخرجها مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب النهى عن الحديث بكل ما سمع ١/١٠٧ رقم ٥.
(٣) كعلى الشهرستانى فى كتابه منع تدوين الحديث، استدل بمرسل ابن أبى مليكة على اتهام أبى بكر لجميع الصحابة بالكذب على رسول صلى الله عليه وسلم انظر: منع تدوين الحديث ص٤٩، كما استدل بحديث قرظة على اتهام عمر أيضاً لجميع الصحابة بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر: منع تدوين الحديث ص١٠٤،١٠٥.

<<  <   >  >>