للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الصحابة جميعاً وعلى رأسهم عمر، كانوا أبعد الناس فى أن يشك بعضهم فى صدق بعض، والأدلة على هذا متوافرة جداً، فقد كان الصحابى إذا سمع من صحابى آخر حديثاً صدق به، ولم يخالجه الشك فى صدقه، وأسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما لو كان سمعه بنفسه، وعلى هذا اعتماد أئمة الحديث فى مرسل الصحابى (١) .

... يدل على ذلك ما روى عن عمر رضي الله عنه قال: "كنت أنا وجار لى من الأنصار فى بنى أمية بن زيد، وهى من عوالى المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوماً، وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحى وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك..." (٢) ، ولو لم يكن سوى هذا الحديث لكفى فى رد هذه الشبهة، ولكن كما قلنا الأدلة على هذا متوافرة جداً.

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب (٣) ، وأخرج الطبرانى عن حميد قال كنا مع أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: والله ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه، ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضاً" (٤) .


(١) انظر: تدريب الراوى١/٢٠٧،وفتح المغيث للسخاوى١/١٧٠،١٧١،وتوضيح الأفكار ١/٣١٧
(٢) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب التناوب فى العلم ١/٢٢٣ رقم ٨٩.
(٣) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب فضل توقير العالم ١/٢١٦ رقم ٤٣٨ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى.
(٤) أخرجه الطبرانى فى الكبير١/٢٤٦ رقم ٦٩٩، وعزاه إليه الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد١/١٥٣، وقال: رجاله رجال الصحيح.

<<  <   >  >>