للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف، وسائر الأخبار تشهد بأنهم كانوا يؤدونها حفظاً وبعضهم كتابة، ويقدمون، ويؤخرون، وتختلف ألفاظ الرواية فيما لا يتغير معناه فلا ينكر ذلك منهم، ولا يرون بذلك بأساً" (١) .

... يقول الأستاذ عبد الرحمن المعلمى: "هذا أمر يقينى لا ريب فيه، وعلى ذلك جرى عملهم فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. من بقى منهم حافظاً للفظ على وجهة أداه كذلك ومن بقى ضابطاً للمعنى ولم يبق ضابطاً للفظ أداة بالمعنى من غير نكير منهم (٢) .

... يقول الدكتور أبو زهو بعد أن أفاد المعنى السابق: فدل ذلك على أن "المقصود منها (أى السنة) المعنى دون اللفظ، ولذلك لم يتعبد بتلاوتها، ولم يقع التحدى بنظمها، وتجوز روايتها بالمعنى" (٣) .

ويدل أيضاً على أن المقصود من السنة المعنى دون اللفظ ما قاله الإمام الآمدى: "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يذكر المعنى فى الكرات المتعددة بألفاظ مختلفة، بل المقصود إنما هو المعنى، ومع حصول المعنى، فلا أثر لاختلاف اللفظ، وهذا أحد وجوه دليل العقل التى استشهد بها الآمدى (٤) .

... وهذا المقصود كان يعيه الصحابة جيداً وحرصوا على تعليمه لمن بعدهم يدل على ذلك ما روى عن أبى نضرة، أنه قال: قلت لأبى سعيد الخدرى رضي الله عنه: إنك تحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً عجيباً، وإنا نخاف أن نزيد فيه أو ننقص. قال: أردتم أن تجعلوه قرآناً لا، لا، ولكن خذوا عنا كما أخذنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥) . ...


(١) نوادر الأصول للحكيم الترمذى ٢/٥٤٩، ٥٥٠ بتصرف.
(٢) الأنوار الكاشفة ص ٧٨ بتصرف وتقديم وتأخير.
(٣) الحديث والمحدثون ص ٢٠٠.
(٤) الإحكام للآمدى ٢/٩٤.
(٥) سبق تخريجه ص ٢٦٥.

<<  <   >  >>