للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجيب عن الحديث الأول: من وجهين:

الوجه الأول: القول بموجبه، وذلك لأن من نقل معنى اللفظ من غير زيادة ولا نقصان يصح أن يقال أدى ما سمع كما سمع. ولهذا، يقال لمن ترجم لغة إلى لغة، ولم يغير المعنى، أدى ما سمع كما سمع. ويدل على أن المراد من الخبر إنما هو نقل المعنى دون اللفظ، ما ذكره الخبر من التعليل وهو اختلاف الناس فى الفقه، إذ هو المؤثر فى اختلاف المعنى. وأما الألفاظ التى لا يختلف اجتهاد الناس فى قيام بعضها مقام بعض، فذلك مما يستوى فيه الفقيه، والأفقه، ومن ليس بفقيه، ولا يكون مؤثراً فى تغيير المعنى.

... الوجه الثانى: أن هذا الخبر بعينه يدل على جواز نقل الخبر بالمعنى دون اللفظ، لأن رواة هذا الخبر نفسه قد رووه على المعنى، فقال بعضهم: رحم الله مكان نضر الله ومن سمع بدل (امرأ سمع) وروى "مقالتى" بدل (منا حديثاً) (وبلغه) مكان (أداه) وروى (فرب مبلغ أفقه من مبلِّغ) مكان (فرب مبلغ أوعى من سامع) ، وألفاظ سوى هذه متغايرة تضمنها هذا الخبر. فالظاهر يدل على أن هذا الخبر نقل على المعنى، فلذلك اختلفت ألفاظه، وإن كان معناها واحداً. فالحديث حجة لنا لا علينا (١) .


(١) الإحكام للآمدى ٢/٩٥، وانظر: فتح المغيث للسخاوى ٢/٢١٥، والكفاية للخطيب ص ٣٠٥

<<  <   >  >>