للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وسمع ابن عمر أيضاً رجلاً يردد حديث الأركان الخمسة، فقدم بعضها وآخر بعضاً مخالفاً بذلك الرواية التى سمعها ابن عمر بنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ابن عمر –رضى الله عنهما-: "اجعل صيام رمضان أخرهن، كما سمعت من فى رسول الله صلى الله عليه وسلم" (١) .

... وروى الخطيب بسنده عن العلاء بن سعد بن مسعود قال: قيل لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك لا تحدث كما يحدث فلان وفلان؟ فقال: ما بى ألا أكون سمعت مثل ما سمعوا، أو حضرت مثل ما حضروا، ولكن لم يدرس الأمر بعد، والناس متماسكون، فأنا أجد من يكفينى، وأكره التزيد والنقصان فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٢) .

... وفى عصر التابعين، وأتباع التابعين ظل كثير من الرواة يؤدى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ونصه، حتى فى الحروف وفى ذلك يقول الأعمش: "كان العلم عند أقوام كان أحدهم لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واواً أو ألفاً أو دالاً" (٣) .

... وكان مالك -رحمه الله- يتقى فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الباء والتاء ونحوهما (٤) . وممن اعتمد ذلك الإمام مسلم -رحمه الله- فإنه فى صحيحه يميز اختلاف الرواة حتى فى حرف من المتن، وربما كان بعضه لا يتغير به معنى، وربما كان فى بعضه اختلاف فى المعنى، ولكنه خفىٌ لا يفطن له، إلا من هو فى العلم بمكان، وكذا سلكه الإمامان البخارى، وأبو داود، وسبقهما لذلك شيخهما الإمام أحمد (٥) .


(١) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم ١/٦٤ رقم ٨، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام١/٢٠٩رقم١٦ وانظر: الكفاية ص ٢٧١.
(٢) الكفاية ص ٢٦٦.
(٣) المصدر السابق ص ٢٧٤.
(٤) انظر: الكفاية ص ٢٧٥، وانظر: تدريب الراوى ٢/١٠١، والإلماع ص ١٧٩.
(٥) فتح المغيث للسخاوى ٢/٢١١.

<<  <   >  >>