للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومن أمثلة ذلك: ما روى عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأسلم وغفار، وشئ من مزينة وجهينة، أو شئ من جهينة ومزينة، خير عند الله، قال: أحسبه قال يوم القيامة، من أسد، وغطفان، وهوازن وتميم" (١) وهناك من اشتد حرصه على لفظ سماعه فأبى تبديل حرف مشدد بمخفف، فعن أم كلثوم بنت عقبة (٢) - رضى الله عنها - قالت: "ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيراً. قال حماد سمعت هذا الحديث من رجلين فقال أحدهما: نمى خيراً خفيفة، وقال الآخر: نمى خيراً مثقلة (٣) .

... وأشد من كل هذا تحرج بعضهم من تغيير اللحن الوارد فى كلام الراوى صحابياً كان أو تابعياً، لأنه سمعه هكذا، فلا ضير من استعمال (حوث) بدلاً من "حيث" (٤) ، أو "لغيت" بدلاً من "لغوت" (٥) ، و "عوثاء السفر"، بدلاً من "وعثائه" (٦) ؛ ولذلك رووا عن محمد بن سيرين؛ أنه "كان يلحن كما يلحن الراوى" (٧) .


(١) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب المناقب، باب ذكر أسلم وغفار ومزينه وجهينة وأشجع ٦/٦٢٧ رقم ٣٥٢٣، ومسلم (بشرح النووى) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة ٨/٣١٤ رقم ٢٥٢١ واللفظ له.
(٢) أم كلثوم بنت عقبة: صحابية جليلة لها ترجمة فى: الإصابة ٤/٤٩١ رقم ١٢٢٣٨، وتاريخ الصحابة لابن حبان ص ٢٧٤ رقم ١٥٤٦، والاستيعاب ٤/١٩٥٣ رقم ٤٢٠٣، واسد الغابة ٧/٣٧٦ رقم ٧٥٨٥.
(٣) أخرجه الخطيب فى الكفاية ص٢٧٨، وابن عبد البر فى ترجمة أم كلثوم –رضى الله عنها- فى الاستيعاب ٤/١٩٥٣ رقم ٤٢٠٣.
(٤) انظر: الكفاية ص ٢٨٠.
(٥) المصدر السابق ص ٢٨١.
(٦) المصدر نفسه ص ٢٧٧.
(٧) الكفاية ص ٢٨٥، وانظر: أثر عن أبى معمر فى سنن الدارمى المقدمة، باب من رخص فى الحديث إذا أصاب المعنى ١/١٠٦ رقم ٣٢٠.

<<  <   >  >>