يقول الدكتور السباعى رداً على ذلك:"ولا ندرى كيف تكون الصلة بين أئمة المسلمين الثقات الأثبات، وبين الملوك والأمراء علامة على استغلالهم لهم، وقديماً كان العلماء يتصلون بالخلفاء والملوك، دون أن يمس هذا أمانتهم فى شئ، فقديماً تردد الصحابة على معاوية، وتردد التابعون.
... فهؤلاء الأئمة إذا اتصلوا بهؤلاء الأمراء والملوك، أو اتصلوا هم بهم، لا سبيل إلى أن يؤثر ذلك فى دينهم، وأمانتهم، وورعهم، والمستفيد منهم على كل حال، هم المسلمون الذين يغدو علماؤهم ويروحون من حلقات العلم إلى مجالس الخلفاء يروون حديثاً، أو يبثون فكرة، أو يبثون حكماً، أو يبينون حكماً، أو يؤدبون لهم ولداً، أو يذكروهم بما للأمة عليهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
... انظر: إلى ما رواه ابن عساكر بسنده إلى الشافعى -رحمه الله- أن هشام بن عبد الملك سأل سليمان بن يسار عن تفسير قوله تعالى:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(١) فقال هشام: كذبت: إنما هو على بن أبى طالب، ويظهر أن هشاماً لم يكن جاداً فيما يقول، ولكنه يريد أن يختبر شدتهم فى الحق - فقال سليمان بن يسار: أمير المؤمنين أعلم بما يقول، ثم وصل ابن شهاب، فقال له هشام: من الذى تولى كبره منهم؟ فقال الزهرى: هو عبد الله بن أبى بن سلول، فقال له هشام: كذبت. إنما هو على بن أبى طالب، قال الزهرى وقد امتلأ غضباً: أنا أكذب؟ لا أبالك! فوالله لو نادانى مناد من السماء أن الله أحل الكذب ما كذبت...حدثنى فلان، وفلان، أن الذى تولى كبره منهم، هو عبد الله بن أبى بن سلول،... وفى القصة فقال هشام: إنا نهيج الشيخ.مما يدل على أنه لم يكن جاداً فى قوله "كذبت".