للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ندرى كيف يتهم بالفسق من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، له بالخير والمغفرة، فى قوله صلى الله عليه وسلم "... وأول جيش من أمتى يغزون مدينة قيصر مغفور له"؟ (١) وكان هذا الجيش هو جيش يزيد بن معاوية – وكان أميراً عليه فى غزوة القسطنطينية (٢) .

وكيف يعهد له أبوه (معاوية) رضي الله عنه بالخلافة "وهو يعتقد ما كان عليه من الفسق. حاشا الله معاوية من ذلك" (٣) .

وكيف يصح وصف يزيد بالفسق وهو يحدث نفسه إن ولى الإمارة أن يسير على سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه لما قال له أبوه: كيف تراك فاعلاً إن وليت؟ قال: كنت والله يا أبة عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب. فقال معاوية: سبحان الله يا بنى، والله لقد جهدت على سيرة عثمان فما أطقتها، فكيف بك وسيرة عمر؟ (٤) .

... ويقول العلامة ابن خلدون مدافعاً عن أمراء الدولة الأموية قائلاً: "... وإن كانوا ملوكاً فلم يكن مذهبهم فى الملك مذهب أهل البطالة، والبغى، إنما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم، إلا فى ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذى هو أهم لديهم من كل مقصد. يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم. فقد احتج مالك فى الموطأ بعمل عبد الملك، وأما مروان فكان فى الطبقة الأولى من التابعين، وعدالتهم معروفة ثم تدرج الأمر فى ولد عبد الملك وكانوا من الدين بالمكان الذى كانوا فيه" (٥) .


(١) سبق تخريجه ص ٤٢٣.
(٢) البداية والنهاية ٨/٢٢٩.
(٣) مقدمة ابن خلدون مبحث فى انقلاب الخلافة إلى الملك ص ٢٢٨، ومبحث فى ولاية العهد ص٢٣٤، ٢٤٠.
(٤) البداية والنهاية ٨/٢٣٢، وانظر: العواصم من القواصم ص ٢٢١ - ٢٢٨، والصواعق المحرقة ص٢٠٨، وتطهير الجنان ص٧-٤٣ كلاهما لابن حجر الهيتمى.
(٥) المقدمة، مبحث فى انقلاب الخلاقة إلى الملك ص ٢٢٨.

<<  <   >  >>