.. وكان هناك عدد كبير من الفقهاء والأعلام أمثال: سعيد بن المسيب (ت ٩١هـ) ، وعروة بن الزبير (ت ٩٤هـ) ، وخارجة بن زيد (ت ١٠٠هـ) وبقية الفقهاء السبعة المشهورون. وأمثال: سالم بن عبد الله (ت ١٠٦هـ) ، والشعبى (ت ١٠٥هـ) ، وابن سيرين (١١٠هـ) ، وهذه الدولة العباسية بدأت بخلافة أبى العباس السفاح سنة (١٣٢هـ) ، وكان ممن حضر قيامها من أئمة الفقهاء ربيعة الرأى (ت ١٣٤هـ) ، وعطاء الخراسانى (ت ١٣٥هـ) والأوزاعى (ت ١٥٧هـ) ، وأئمة المذاهب الأربعة.
... فهل من الممكن أن يتفق أمثال هؤلاء – وهم من هم فى الورع والعلم – على تثبيت نظام من الأنظمة، ودعوة الناس إلى مؤازرته والخضوع له، ولو أدى بهم ذلك إلى اختلاق الأحاديث، لتأكيد هذه الدعوة، وكأنهم شرذمة من المتآمرين؟! وإذا صح لغيرهم أن يفعلوا ذلك، فهل يرضى هؤلاء بذلك، وهم يعلمون أنه خطر يهدد الإسلام، وأن السكوت عليه خيانة للمسلمين؟!
... وكيف ترضى الفرق الأخرى التى تنازع نظام الحكم القائم بهذا الصنيع وهى تعلم أنه دس واختلاق؟! والعقل يقول: إنه لو أحس هؤلاء بأن تلك الأحاديث موضوعة لغرض تثبيت نظام الحكم الذى ينازعونه لشنعوا بذلك أيمَّا تشنيع، ولشهَّروا بواضيعها أيما تشهير، ولكن هذا لم يوجد؛ لأنه لم يصح إلا فى ذهن الرافضة وجولدتسهير، ومن تبعهم فى ملتهم من أبناء جلدتنا. وكيف فاتهم أن عصر بنى أمية وبنى العباس لم يخل من علماء نقد الحديث، وهم علماء الجرح والتعديل أمثال: شعبة بن الحجاج (ت ١٥٩هـ) ، وسفيان الثورى (ت ١٦١هـ) ، وعبد الرحمن بن مهدى (ت ١٩٨هـ) ، ويحيى بن سعيد القطان (ت ١٩٨هـ) ، وهم وغيرهم الذين غربلوا الحديث، وحذفوا الموضوعات وأظهروها، فهل غابت عنهم تلك الأحاديث التى ذكرها أعداء الإسلام، ومعظمها فى الصحيحين، حتى يأتى أدعياء العلم فى آخر الزمان ليبينوا لنا أنها موضوعة؟!