للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. يقول الإمام الشافعى: "وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم: فبحكم الله سنَّه، وكذلك أخبرنا الله فى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١) ، وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب. وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل فى اتباعه طاعته، وفى العدول عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً" (٢) .

٣- ومن أهم الآيات دلالة على حجية السنة، ووجوب التمسك بها قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣) يقول ابن قيم الجوزية: "أقسم سبحانه بنفسه، وأكده بالنفى قبله على نفى الإيمان عن العباد، حتى يحكِّموا رسوله فى كل ما شجر بينهم، من الدقيق والجليل، ولم يكتف فى إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده، حتى ينتفى عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلموا تسليما، وينقادوا انقيادا (٤) .

... ويقول أيضاً فى مختصر الصواعق المرسلة: "فقد أقسم الله سبحانه بنفسه على نفى الإيمان عن هؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه" (٥) .

... ويقول فى موضع آخر: "وفرض تحكيمه، لم يسقط بموته، بل ثابت بعد موته، كما كان ثابتاً فى حياته، وليس تحكيمه مختصاً بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد (٦) .


(١) جزء من الآيتين ٥٢، ٥٣ الشورى.
(٢) الرسالة ص ٨٨، ٨٩ الفقرات رقم ٢٩٢، ٢٩٣، ٢٩٤.
(٣) الآية ٦٥ من سورة النساء.
(٤) أعلام الموقعين ١/٥١، وانظر: مختصر الصواعق المرسلة ٢/٥٢٠.
(٥) مختصر الصواعق المرسلة ١/١١٣.
(٦) المصدر السابق ٢/٥٢٠.

<<  <   >  >>