كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها

الفصل الأول: أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع قديما - تمهيد وفيه بيان المراد بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع: - ص: 60

فعن أبى سعيد الخدرى (١) رضي الله عنه قال:

بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة - وهو رجل من بنى تميم. فقال: يا رسول الله اعدل فقال: "ويلك ومن يعدل إذ لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل" فقال عمر: وفى رواية خالد (٢) : يا رسول الله ائذن لى فيه، فأضرب عنقه. فقال "دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، ويقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ... الحديث" (٣) ثم كان ظهورهم أيام على رضي الله عنه وقتلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة، ثم انبعث القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التى أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. فى قوله " ... وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقه كلها فى النار إلا واحدة. قالوا: وما هم يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه وأصحابى" (٤) .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أصحاب الرأى أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم" (٥) .

ومرادى هنا بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع تلك الفرق التى أخبر عنها المعصوم صلى الله عليه وسلم. وتغالت فى بدعتها من الخوارج، والشيعة، والمعتزلة، الذين لقيت السنة المطهرة من أهوائهم وعنتهم عناءً كبيراً، وكان لآرائهم الجامحة فى الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - أثر كبير فى اختلاف الآراء، والأحكام فى الفقه الإسلامى، وفيما أثير حول السنة من شبه (٦) .

---

(١) أبو سعيد الخدرى: هو سعد بن مالك صحابى جليل. له ترجمة فى: الإصابة ٢/٥٣، رقم٣٢٠٤، والاستيعاب ٢/١٦٧١، رقم ٩٥٨، واسد الغابة ٢/٤٥١ رقم ٢٠٣٦، وتاريخ الصحابة ص١١٣ رقم ٥١٣، ومشاهير علماء الأمصار ص ١٧ رقم ٢٦، وتجريد أسماء الصحابة ٢/١٧٢، وتذكرة الحفاظ ١/٤٤ رقم ٢٢.
(٢) خالد: هو خالد بن الوليد صحابى جليل. له ترجمة فى: الإصابة ١/٤١٣ رقم ٢٢٠٦، والاستيعاب ٢/٦٠٣ رقم ٦٢١، واسد الغابة ٢/١٤٠ رقم ١٣٩٩، وتاريخ الصحابة ٨٥ رقم٣٤٩، ومشاهير علماء الأمصار ص ٣٩ رقم ١٥٧.
(٣) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب المناقب، باب علامات النبوة فى الإسلام جـ٦ ص٧١٤ رقم ٣٦١٠، وأخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ٤/١٧١، ١٧٢ رقم ١٠٦٤.
(٤) الحديث سبق تخريجه ص ٣٨، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٤٦ بتصرف.
(٥) أخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم٢/١٣٥،والخطيب فى الفقيه والمتفقة١/٤٥٤ رقم ٤٧٩.
(٦) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص ١٣٣ بتصرف، وانظر: الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين للدكتور أحمد محرم ١/١٨٩