للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفاوت الأفهام:

... ثم لا يخفى على أحد أن كل الناس ليسوا سوء فى الاستعداد والفهم وصفاء الذهن، ولهذا السبب يقرأ القرآن الكريم كل أحد ولكنهم يختلفون فى فهم معانيه، فالعالم يفهم منه ما لا يفهمه الجاهل، وقد سبق بيان نماذج من المسائل الشاذة التى استنبطها الشواذ بعقولهم من القرآن الكريم، وتناقضوا تناقضاً فاضحاً فيما بينهم. فإذا كان العالم يفهم ما لا يفهمه الجاهل، والعلماء أيضاً متفاوتون فى الفهم والعلم كما قال رب العزة: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (١) فأى فهم أولى بالقبول، وبتوحيد كلمة المسلمين، أفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم فهم المنكرين لسنته؟!!

... قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (٢) وقال تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣) .

وقديماً دخل رجل من أهل الكوفة على الإمام أبى حنيفة، والحديث يقرأ عنده، فقال الرجل: دعونا من هذه الأحاديث! فزجره الإمام أشد الزجر، وقال له: لولا السنة ما فهم أحد من القرآن. ثم قال للرجل: ما نقول فى لحم القرد؟ وأين دليله من القرآن؟ فأفحم الرجل، فقال للإمام: فما تقول أنت فيه؟ فقال: ليس هو من بهيمة الأنعام (٤) أ. هـ.


(١) جزء من الآية ٧٦ من سورة يوسف، وانظر: تحقيق معنى السنة وبيان الحاجة إليها للندوى ص٥-٨ بتصرف.
(٢) جزء من الآية ٥٩ من سورة النساء.
(٣) جزء من الآية ٤٣ من سورة النحل.
(٤) انظر: الميزان للشعرانى ١/٥٨، وقواعد التحديث للقاسمى ص ٢٩٨، ولمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث للأستاذ أبو غدة ص ٣٢، ٣٣.

<<  <   >  >>