للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وأما ما ذكره محمود أبو رية عن كعب الأحبار؛ فقد عزاه إلى نهاية الأرب، وهو لا يعتمد عليه فى ثبوت الأحاديث، وكلامه وإن ثبت؛ فهو محمول أيضاً على التشبيه، وبقليل من التأمل يتبين لنا أن إدعاء تأثر أبى هريرة فيما رواه بكعب بعيد، ولا يعدو أن يكون تظناً وتخميناً، فالحديثان متغايران والأقرب أن يكون كلام كعب تفسيراً لحديث أبى هريرة على ضوء ما فهمه من قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} (١) .

... وأما ما زعمه نيازى عز الدين من ورود ذلك الحديث فى التوراة فى "سفر التكوين"؛ فقد سبق وأن بينا أنه ليس فى العقل، ولا فى الشرع ما يمنع أن تتوافق فى بعض التشريعات، وما حرف ما الكتب السماوية السابقة لم يحرف جميعه، والقرآن الكريم بحكم أنه سلم من التحريف، والتبديل، هو المهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه منها؛ فهو حق، وما خالفه فهو باطل، وليس العكس كما يزعم أعداء السنة الشريفة.

... يقول فضيلة الدكتور أبو شهبة: "وأياً كان التأويل فالحديث مستساغ لغة وشرعاً، وقد كان الصحابة بذكائهم، وصفاء نفوسهم، وإحاطتهم بالظروف والملابسات التى قيل فيها هذا الحديث وأمثاله، يدركون ما يريده النبى صلى الله عليه وسلم من مثل هذا الحديث الذى قد يشكل ظاهره على البعض، ولذلك لم يؤثر عن أحد منهم - على ما كانوا عليه من حرية الرأى والصراحة فى القول - استشكال مثل هذا الحديث (٢) أ. هـ.


(١) الآية ١٥ من سورة محمد، وانظر: دفاع عن السنة للدكتور أبو شهبة ص ١٢٧، ١٢٨.
(٢) دفاع عن السنة للدكتور أبو شهبة ص ١٢٧.

<<  <   >  >>