للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فى صحيح مسلم "سيحان، وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة"، فأسنده الإمام أحمد فى مسنده عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فجرت أربع أنهار من الجنة: الفرات، والنيل، وسيحان وجيحان" (١) .

... قال الحافظ ابن دحية: "وسند أحمد كالشمس فى صحته" (٢) ، وزيادة لفظ "فجرت" وهو مفيد.

... والكلام على معنى هذا الحديث يأخذ طرفاً مما تقدم، وهو أن هذه الأنهار لها مزية تشريف على سائر الأنهار التى بالأرض، وذلك التشريف هو كونها فى الجنة، على معنى أنها فجرت منها، كما نص عليه فى حديث أحمد ثم ينتقل الكلام إلى كونها بالأرض جارية، ولا بعد فى ذلك، فإن الأنهار المذكورة إذا كان تفجيرها من الجنة، والجنة فى السماء كما قال تعالى: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (٣) . وقوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (٤) . على مذهب أهل الحق فى أن الجنة مخلوقة، وأنها لا تبيد من بين سائر المخلوقات.

... هذا قول جميع العلماء فى الجنة والنار، وأنهما لا تبيدان، ولم يخالف فى ذلك سوى طائفة من أهل البدع والأشرار.

فتكون الأنهار المذكورة من الجنة تفجرت، أى جرى أصلها؛ لأن التفجير يليق بهذا المعنى، ومنه سمى "الفجر" لأنبثاث النور الساطع. كذلك هذه الأنهار لما كان لها أنبثاث وجريان سمى تفجيراً، وإليه الإشارة بقوله:"من الجنة"أى كان هذا التفجير فى الأصل من الجنة، ثم انبثت فى الأرض فهذا ما يحمل عليه هذا المعنى ولا معارضة فيه، لما تقدم" (٥) أ. هـ.


(١) المسند ٢/٢٦٠، ٢٦١.
(٢) الابتهاج فى أحاديث المعراج ص١٥١.
(٣) الآية ١٥ من سورة النجم.
(٤) جزء من الآية ١٣٣ من سورة آل عمران.
(٥) الابتهاج فى أحاديث المعراج ص ١٥٠ – ١٥٢.

<<  <   >  >>