.. يقول الإمام عبد القادر البغدادى مبيناً صحة طريقة أهل السنة فى فهم الشريعة الإسلامية وتحقيق النجاة لهم بنص الحديث السابق. قال: "إن النبى صلى الله عليه وسلم لما ذكر افتراق أمته بعده ثلاثاً وسبعين فرقة، وأخبر أن فرقة واحدة منها ناجية، سئل عن الفرقة الناجية، وعن صفتها، فأشار إلى الذين هم، على ما عليه هو وأصحابه.
ولسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنهم غير أهل السنة والجماعة، من مجتهدى الأمة وعلمائها أهل الشريعة العاملين بها، دون الرافضة، والمعتزلة، والخوارج، والجهمية، وجميع أهل البدع والأهواء، فهم غير داخلين فى لفظ الجماعة قطعاً، لخروجهم على طريقة النبى صلى الله عليه وسلم وطريقة أصحابه رضي الله عنهم.
... ثم كيف يكون الرافضة، والخوارج، والقدرية، وسائر أهل البدع موافقين للصحابة؟ وهم بأجمعهم لا يقبلون شيئاً مما روى عن الصحابة فى أحكام الشريعة، لامتناعهم من قبول روايات الحديث، والسير، والمغازى، من أجل تكفيرهم للصحابة، ولأصحاب الحديث الذين هم نقلة الأخبار والآثار، ورواة التواريخ والسير، ومن أجل تكفيرهم فقهاء الأمة الذين ضبطوا آثار الصحابة، وقاسوا فروعهم على فتاوى الصحابة.
ولم يكن بحمد الله ومَنِّهِ فى الخوارج، ولا فى الروافض، ولا فى القدرية، ولا فى سائر أهل الأهواء الضالة إمام فى الفقه، ولا إمام فى رواية الحديث، ولا إمام فى اللغة والنحو، ولا موثوق به فى نقل المغازى والسير والتواريخ، ولا إمام فى الوعظ والتذكير، ولا إمام فى التأويل والتفسير، وإنما كان أئمة هذه العلوم، على الخصوص والعموم، من أهل السنة والجماعة (١) .
(١) راجع: بيان فضائل أهل السنة، وأنواع علومهم وأئمتهم، وبيان آثارهم فى الدين والدنيا، فى: الفرق بين الفرق ص ٣٢١ - ٣٢٥، وانظر: الاعتصام للشاطبى ٢/٥٠٩ وما بعدها.