والتى يقول العلماء فى شأنها: أنها لو كتبت بماء الذهب ما استوفيت حقها. ففيها فضلاً عن الرد على الطعون التى وجهت إلى صحيح البخارى، مجموعة من الفصول الهامة تتعلق بدراسة الصحيح، وصاحبه، وتراجمه، ومناسباته وغير ذلك من المباحث الهامة المتعلقة بالصحيح.
... وقد مكث ابن حجر فى كتابتها أربع سنوات تقريباً، فهدى بها فعلاً كل من يريد أن يدرس صحيح الإمام البخارى. ويعرف مكانته بين كتب السنة حيث هو على رأسها.
والإمام ابن حجر فى هدى السارى لم يدافع عن صحيح الإمام البخارى فقط. وإنما دافع عن الصحيحين معاً إجمالاً فقال:
"والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول: لا ريب فى تقديم البخارى ومسلم على أهل عصرهما، ومن بعده من أئمة هذا الفن فى معرفة الصحيح والمعلل؛ فإنهم لا يختلفون فى أن على بن المدينى كان أعلم أقرانه بعلل الحديث وعنه أخذ البخارى ذلك حتى كان يقول: ما استصغرت نفسى عند أحد إلا عند على بن المدينى، ومع ذلك فكان على بن المدينى إذا بلغه ذلك عن البخارى يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه، وكان محمد بن يحيى الذهلى أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهرى وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعاً. وروى الفربرى عن البخارى قال: "ما أدخلت فى الصحيح حديثاً إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته.
وقال مكى بن عبد الله سمعت مسلم بن الحجاج يقول: عرضت كتابى هذا على أبى زرعة الرازى فكل ما أشار أن له عله تركته.
فإذا عرف أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما، ولا ريب فى تقديمهما فى ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة (١) .