للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. إن القراءات كلها على اختلافها كلام الله، لا مدخل لبشر فيها، بل كلها نازلة من عنده تعالى، مأخوذة بالتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدل على ذلك أن الأحاديث الماضية تفيد أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يرجعون فيما يقرأون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون عنه ويتلقون منه كل حرف يقرأون عليه، انظر قوله صلى الله عليه وسلم فى قراءة كل من المختلفين "هكذا أنزلت" وقول المخالف لصاحبه: "أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أضف إلى ذلك أنه لو صح لأحد أن يغير ما شاء من القرآن بمرادفة أو غير مرادفة، لبطلت قرآنية القرآن، وأنه كلام الله، ولذهب الإعجاز، ولما تحقق قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١) .

وهذا ما يهدف إليه دعاة اللادينية فى قولهم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" أى أنه أنزل على سبع لغات مختلفة فى لفظها ومادتها. يفسر ذلك القول ابن مسعود: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل" (٢) .

ويجاب عن ذلك فضلاً عما سبق أن التبديل والتغيير مردود من أساسه بقوله سبحانه وتعالى: {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٣) .


(١) الآية ٩ من سورة الحجر.
(٢) فى الأدب الجاهلى ص ٩٥.
(٣) الآيتان ١٥، ١٦ من سورة يونس.

<<  <   >  >>