للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (١) وقال بعد أن ذكر منها عدة أسماء فى آخر سورة الحشر: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٢) والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات، ففى إثبات أسمائه إثبات صفاته لأنه إذا ثبت أنه حى مثلاً فقد وصف بصفة زائدة على الذات، وهى صفة الحياة، ولولا ذلك لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط، وقد قال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} (٣) فنزه نفسه عما يصفونه به من صفة النقص، ومفهومه أن وصفه بصفة الكمال مشروع.

وقد قسم البيهقى وجماعة من أئمة السنة جميع الأسماء المذكورة فى القرآن وفى الأحاديث الصحيحة إلى قسمين:

أحدهما صفات ذاته: وهى ما استحقه فيما لم يزل ولا يزال.

وثانيهما صفات فعله: وهى ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل، قال ولا يجوز وصفه إلا بما دل عليه الكتاب، والسنة الصحيحة الثابتة أو أجمع عليه. ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل كالحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام من صفات ذاته، ومنه ما ثبت بنص الكتاب والسنة كالوجه، واليد، والعين، من صفات ذاته، وكالاستواء، والنزول، والمجئ، من صفات فعله، فيجوز إثبات هذه الصفات له لثبوت الخبر بها على وجه ينفى عنه التشبيه، فصفة ذاته لم تزل موجودة بذاته ولا تزال، وصفة فعله ثابتة عنه ولا يحتاج فى الفعل إلى مباشرة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٤) . ولولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى (٥) .


(١) جزء من الآية ١٨٠ من سورة الأعراف.
(٢) جزء من الآية ٢٤ من سورة الحشر.
(٣) الآية ١٨٠ من سورة الصافات.
(٤) الآية ٨٢ من سورة يس، وانظر: فتح البارى ١٣/٣٦٩، ٣٧٠ أرقام٧٣٧١ – ٧٣٧٥.
(٥) انظر: فتح البارى ١٣/٤٠٢ رقمى ٧٤٠٧، ٧٤٠٨.

<<  <   >  >>