كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها

الفصل الأول: أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع قديما - المبحث الرابع: التعريف بالمعتزلة وموقفهم من السنة النبوية - ص: 93

وواصل بن عطاء من خلاف فى حكم مرتكب الكبيرة، حين سئل الحسن البصرى عن ذلك، فبادر واصل بن عطاء إلى الجواب قبل أن يجيب الحسن البصرى، ومن هنا تطور الأمر إلى اعتزال واصل ومن معه حلقة الحسن البصرى، فسموا معتزلة، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء (١) .

وقد ضعف هذا الرأى الدكتور أحمد أمين، وأياً كانت بداية نشأتهم، فالذى يعنينا ويهمنا هنا فى هذا المقام هو أصول مذهبهم الفكرى، وأثرها على السنة المطهرة.

وإذا كانت المعتزلة قد تفرقت إلى فرق كثيرة تصل إلى اثنتين وعشرين فرقة واختلفوا فى المبادئ والتعاليم إلى حد تكفير كل فرقة الأخرى، إلا أنه يجمعهم إطار عام، وهو الاعتقاد بالأصول الخمسة:

١- التوحيد على طريقة الجهمية.

٢- العدل على طريقة القدرية.

٣،٤،٥ - والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على طريقة الخوارج (٢) .

ولقد حددها على هذا النحو الخياط (٣) ، صاحب الانتصار عندما قال: "وليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فإذا كملت فى الإنسان هذه الخصال الخمس؛ فهو معتزلى (٤) .

يقول الدكتور محمد عمارة: "وإذا كان هذا التحديد لهذه الأصول الخمسة قد شاع الشيوع الأكبر، وانتشر الانتشار الأعم لدى أهل العدل، والتوحيد، كما شاع عنهم لدى كتاب المقالات، فإننا نجد الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الرسى (ت - ٢٤٦هـ) وهو معاصر لأبى الهذيل العلاف يحدد هذه الأصول بأنها:

١- التوحيد، ٢- والعدل، ٣- والوعد والوعيد، ٤- والمنزلة بين المنزلتين، ٥- والقرآن الكريم والسنة المطابقة له، ٦- وأصل سادس يمكن أن نسميه العدالة الاجتماعية، والمالية، والاقتصادية.

---

(١) انظر: الملل والنحل للشهرستانى١ /٤٠، والفرق بين الفرق للبغدادى ص١١٦، وفرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام ٢ /٨٢٢، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور محمد عمارة ص١٧٩-١٩٨
(٢) انظر: الفرق بين الفرق ص١١٢ - ١١٥، وفرق معاصرة ٢ /٨٢٢.
(٣) الخياط: هو أبو الحسين، عبد الرحيم بن محمد بن عثمان، شيخ المعتزلة البغدادية من نظراء الجبائى، وله مكانة عند المعتزلة. من آثاره: الانتصار، والرد على من أثبت خير الواحد.له ترجمة فى: تاريخ بغداد ١١ /٨٧ رقم ٥٧٧٠،ولسان الميزان ٤ /٣٤٢ رقم ٥١٥٦، وسير أعلام النبلاء ١٤ /٢٢٠ رقم ١٢١، واللباب فى تهذيب الأنساب ١ /٤٧٥، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص ٨٥.
(٤) الانتصار ص ١٨٨، ١٨٩.