بينما نجد هذه الأصول عند مفكر آخر هو أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت ٨٤٠هـ) على النحو المشهور عند المعتزلة، وبدلاً من أصل الوعد والوعيد أصل آخر وهو:
تولى الصحابة والاختلاف فى عثمان رضي الله عنه بعد الأحداث والبراءة من معاوية وعمرو بن العاص -رضى الله عنهما-.
يقول الدكتور عمارة: "ومعنى هذا أن خلاف أهل العدل والتوحيد - ولا نقول المعتزلة - حول هذه الأصول، هو أمر غير مستبعد تماماً، وإن عدتها الأغلبية الساحقة من مفكريهم خمسة، على النحو الذى قدمناه فى أول هذا الحديث، وإذاً فليس خلافهم فقط فى فروع هذه الأصول، كما يقول البعض، بل وأحياناً فى بعض هذه الأصول (١) .
ومعنى هذه الأصول إجمالاً:
١- التوحيد: وهم يقصدون به البحث حول صفات الله تعالى، وما يجب له، وما يجوز، وما يستحيل، وفى هذا الأصل نفوا أن يكون لله تعالى صفات أزلية من علم، وقدرة، وحياة، وسمع، وبصر، بل، الله عالم، وقادر، وحى، وسميع، وبصير بذاته، وليست هناك صفات زائدة مع ذاته، وتأولوا الآيات التى تثبت هذه الصفات، والتى يفهم منها أن له صفات كصفات المخلوقين، ورفضوا الأحاديث التى تثبت هذه الصفات أيضاً، وحجتهم فى إنكار صفات الله عزَّ وجلَّ أن إثباتها يستلزم تعدد القدماء وهو شرك على حد زعمهم. ولأن إثبات الصفات يوحى بجعل كل صفة إلهاً، والمخرج من ذلك هو نفى الصفات وإرجاعها إلى ذات البارى تعالى، فيقال عالم بذاته، قادر بذاته إلخ، وبذلك يتحقق التوحيد فى نظرهم، والمعتزلة فى نفيهم الصفات وتعطيلها وتأويل ما لا يتوافق مع مذهبهم من نصوص الكتاب والسنة وافقوا بذلك الجهمية (المعطلة) ... فهم الذين أحيوا آرائهم، ونفخوا فى رمادها، وصيروها جمراً من جديد، ومن هنا استحق المعتزلة أن يطلق عليهم جهمية أو معطلة (١) ، وبناء على هذا الأصل أطلق المعتزلة على من عاداهم وخصوصاً أهل السنة أسماء جائرة مثل المشبهة، والحشوية.
(١) رسائل العدل والتوحيد ١ /٧٦، ٧٧، وانظر: الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية كلاهما للدكتور محمد عمارة ص ١٨٦، ١٨٧، ١٩٦.