للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وفى حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعونى على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا فى معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب فى الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً، ثم ستره الله؛ فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه". فبايعناه على ذلك (١) .

... والأدلة على أن صاحب الكبيرة "مسلم عاصى" وتحت المشيئة وغير خالد مخلد فى النار كثيرة جداً. والأحاديث فى ذلك متواترة (٢) .

وأقوال أهل العلم فى ذلك كثيرة نقتصر على قول جامع للإمام النووى – رحمه الله – إذ يقول: "واعلم أن مذهب أهل السنة، وما عليه أهل الحق من السلف والخلف، أن من مات موحداً، دخل الجنة قطعاً على كل حال، فإن كان سالماً من المعاصى، كالصغير، والمجنون، والذى اتصل جنونه بالبلوغ، والتائب توبة صحيحة من الشرك أو غيره من المعاصى إذا لم يحدث معصية بعد توبته، والموفق الذى لم يبتل بمعصيةٍ أصلاً، فكل هذا الصنف يدخلون الجنة، ولا يدخلون النار أصلاً ... وأما من كانت له معصية كبيرة، ومات من غير توبة، فهو فى مشيئة الله تعالى، فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولاً، وجعله كالقسم الأول، وإن شاء عذبه القدر الذى يريده سبحانه وتعالى، ثم يدخله الجنة، فلا يخلد فى النار أحد مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصى ما عمل، كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر، ولو عمل من أعمال البر ما عمل.


(١) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان ١/٨١ رقم ١٨ واللفظ له، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها ٦/٢٣٨، ٢٣٩ رقم ١٧٠٩.
(٢) انظر: الشفاعة لمقبل بن هادى، وموقف المدرسة العقلية من السنة ١/٣٦٠ – ٣٦٢.

<<  <   >  >>