للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق فى هذه المسألة، وقد تظاهرت أدلة الكتاب، والسنة، وإجماع من يعتد به من الأمة على هذه القاعدة، وتواترت بذلك نصوص تحصل العلم القطعى (١) أ. هـ.

... أما ما استدل به المعتزلة وغيرهم من الكتاب والسنة على تخليد صاحب الكبيرة فى النار كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٢) وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا نمام، ولا عاق" (٣) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بحديده، فحديدته فى يده يَتَوَجَّأُ بها بطنه فى نار جهنم خالداً أبداً" (٤) أ. هـ. إلى غير ذلك من الأخبار المروية فى هذا الباب، واستدلوا بها على تخليد صاحب الكبيرة (٥) .

هذه الأخبار التى استدلوا بها على تخليد مرتكب الكبيرة فى النار؛ لا حجة لهم فيها فهى من نصوص الوعيد التى وجهها السلف توجيهاً يتفق ونصوص الوعد الأخرى التى غض عنها المعتزلة الطرف، وهذا من شأن أهل البدع فإنهم يأخذون من النصوص ما يظنون أنه يوافق بدعهم، ويتركون غيرها مما يخالف تلك البدع.وهكذا فعل أهل الاعتزال فى هذا المقام.


(١) المنهاج شرح مسلم ١/٢٥٥، ٢٥٦ أرقام ٢٦-٣٣.
(٢) الآية ٩٣ من سورة النساء.
(٣) أخرجه النسائى فىسننه كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى٥/٨٠رقم٢٥٦٢،وأحمد فىالمسند وذكر بدل المنان: الديوث الذى يقر فى أهله الخبث ٢/٦٩، ١٢٨، ١٣٤ من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(٤) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الطب، باب شرب السم والدواء به ...إلخ ٨/٢٥٨ رقم ٥٧٧٨ ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ١/٣٩٥ رقم ١٠٩ من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.
(٥) انظر: شرح الأصول ص ٦٥٧، ٦٦٣.

<<  <   >  >>